المقدمة

خلال الفترة من 15 يناير 1981م إلى 15 مارس 1984م، استقبل ثلاثة باحثين عن الحقيقة هذا التواصل المنطوق الذي احتواه هذا الكتاب. هذه الرسائل – كما سوف تكتشف لاحقاً – جاءت عن طريق سلالة من الكائنات الفضائية، عرّفوا عن أنفسهم باسم (رع). كتاب (رسائل رع: تعليم قانون الوحدانية) يحتوي على السجل المنقح والموحد لفترة السنوات الثلاث التي تم خلالها التواصل مع (رع).

إن هذه المقدمة لا ترمي إلى تقديم شرح مسهب عن هذا التواصل أو فلسفته، وإنما لتقدم للقارئ خلفية بسيطة عن كيفية حدوث هذا التواصل، وعن المصدر الذي كان (دون إلكينز) و(كارلا روكيرت) و(جيم مكارتي) يتواصلون معه، وعن منظوره حول الواقع الميتافيزيقي. هذه المقدمة ليست جوهرية لقراءة وفهم هذا الكتاب، بل إنها تقدم نوعاً من التوجيه والاستعداد لهذه الرحلة.

حول رع

في التاريخ القديم لهذه الأرض، عُرِف (رع) عند المصريين القدماء على انه إله الشمس. غير أن (رع) يقولون إنهم عندما جاؤوا إلى الأرض، أتوا كأخوة وأخوات، لا كآلهة. لقد أتوا إلى الأرض لأن تلك الحضارة كونت ثقافة ومنظومة إيمانية تخولهم من فهم واستيعاب مفهوم (قانون الوحدانية). هذه الجاهزية لفهم (قانون الوحدانية) جذبت (رع) إليهم كمعلمين لهذه المبادئ.

روى لنا (رع) أن جهودهم لمساعدة تلك الحضارة شوهت وأسيء فهمها، حيث إن المصريين القدماء – وتحديداً النخبة الملكية – احتفظوا بهذه الرسالة لأنفسهم وسلبوا منها إحساسها الجوهري مشوهين بذلك فلسفة وحدانية كل ما في هذا الوجود. نتيجة لذلك، انسحب (رع) من كوكب الأرض، ولكنه بقي – إلى هذه اللحظة – يراقب تطورات كوكبنا عن كثب. لقد كانت رغبة (رع) منذ زمن بعيد في أن يصوب تلك التشويهات التي أضيفت على (قانون الوحدانية)، هي من دفعتهم لان ينشؤوا تواصلاً مع مجموعتنا.

ولكن في الحقيقة ذلك لم يكن السبب الوحيد، فقد أنشأ (رع) هذا التواصل لأن الأرض تقترب من نهاية دورة عظمى من دورات التطور، والتي تتكون من 75000 سنة، ومعظم من يقطنون هذه المرحلة على استعداد لأن يتخرجوا إلى المرحلة التالية التي يسميها (رع) بـ(الكثافة الرابعة) أو كثافة الحب والاستيعاب. لقد كان لديهم رغبة بتقديم المساعدة لنا في هذه المرحلة الانتقالية، ولذا فقد استجابوا لندائنا بتقديم المساعدة لنا.

يقول (رع) إنهم من (الكثافة السادسة) ووصفوا أنفسهم بأنهم (معقّد ذاكرة اجتماعية). في كثافات التطور التي تبعد عن كثافتنا، عندما ينتقل سكان كوكب ما إلى مرحلة تطور تالية، يصبحون (معقّد ذاكرة اجتماعية)، مما يعني أن أفكار وذكريات وتجارب كل فرد منهم تصبح معروفة ومتاحة للجميع. فهذا الجسد الاجتماعي يصبح مكوناً من أشخاص فريدين من نوعهم يتشاركون مع أفراد مجموعتهم مستودعاً من الذكريات والتجارب.

بحسب (رع) فإن الأرض سوف تلد (معقّد ذاكرة اجتماعية) خاص بها عندما يتم الانتقال إلى الكثافة الرابعة. وطالما أن الأفراد يتطورون مع مرور الزمن، يتطور معقّد الذاكرة الاجتماعية وفقاً لذلك، فيصبح أكثر أتحاداً كلما فهمت واستوعبت دروس كل كثافة من كثافات التطور. بالنسبة لـ(رع)، كونهم معقّد ذاكرة اجتماعية، فإنه لا فرق لديهم بين الفرد والمجموعة بأسرها. ولذا عندما كنا نتواصل مع (رع)، كنا نخاطب فرداً من أفراد معقّد الذاكرة الاجتماعية. وبما أن جميع أفراد هذه المجموعة يتشاركون ما في عقولهم، فكان ذلك بمثابة التواصل مع 6 ملايين ونصف المليون كائناً من معقّد الذاكرة الاجتماعية (رع).

إن (رع) هو أيضاً جزء من مجموعة أكبر من ذلك، تسمى (اتحاد الكواكب لخدمة الخالق الواحد الأزلي). وتتكون هذه المجموعة من معقّدات ذاكرة اجتماعية عدة من مختلف الكواكب الموجودة في مجرتنا هذه (درب التبانة). وبحسب (رع)، فإن هناك أعضاء من هذا الاتحاد سبق وأن قدموا خدماتهم عن طريق تواصلات تخاطرية – وطرق أخرى – مع أشخاص ومجموعات من شتى أنحاء العالم وعلى مر العصور. بل إن تعاملهم مع كوكب الأرض يعود إلى ما قبل التاريخ. مجموعتنا كانت قادرة على أن تتواصل مع أعضاء عدة من هذا الاتحاد منذ أن بدأنا في العام 1962م.

لطالما كانت رسالة الاتحاد الأكثر أهمية هي أننا نعيش في كون من الوحدانية، وأن هذا العالم الذي نحس به ونراه هو مجرد وهم، وأن الهدف من وجودنا هنا هو أن نتعلم أن نمنح ونستقبل الحب فيما بيننا، وأن التأمل هو وسيلة جوهرية لاكتشاف الخالق الموجود في كل واحد منا.

لقد عبر (رع) من خلال هذه المحادثة عن تحملهم مسؤوليتهم عن منظورهم، لكنهم اعرضوا عن أي سلطة على هذه المعلومات، موضحين أنها مجرد وجهة نظرهم وحسب، أو بحسب تعبيرهم: “وجهة نظر مختلفة نوعاً ما حول نفس المعلومات التي لم ولن تتغير “. كما أنهم عبروا عن رغبتهم بأن لا يوصفون بأنهم مصدر هذه المعلومات، بل على أنهم “رسل متواضعون لقانون الوحدانية “. في الاقتباس التالي يقر (رع) بمحدوديتهم ويمجدون علاقتهم بتلك الحقيقة الواحدة التي تتجاوز – وتتضمن – كل ما يبدو أنه جزء من الهوية في هذا الكون:

[نحن نحث الباحث على ألا يزيح] انتباهه من هذا المصدر الواحد الأزلي من الحب والنور، والذي نحن رسله، ونحن ندرك بتواضع أننا بحد ذاتنا لسنا سوى جزء صغير من الخالق، جزء صغير من شمولية بديعة من الذكاء الأبدي.

قانون الوحدانية وكونيته

قام (رع) بتعريف قانون الوحدانية كالتالي:

“في الحقيقة لا يوجد صائب أو خاطئ. لا يوجد استقطاب، لأن كل شيء في مرحلة ما سوف يصبح متناغماً – إن صح القول – مع تراقصاتكم التي تؤدونها من خلال معقّد العقل/الجسد/الروح، الذي تستمتعون بتشويهه بطرق عديدة في هذا الزمان. هذا التشوه هو غير ضروري على الإطلاق. بل إنه اختير من قبل كل شخص منكم كبديل عن فهم وحدانية تلك الفكرة التي تربط كل الأشياء ببعضها. فأنتم لا تتحدثون عن كائنات أو أشياء متشابهة. فأنتم كل شيء، كل كائن، وكل إحساس، وكل حادثة، وكل موقف… أنتم وحدانية… أنتم أبدية… أنتم حب/نور ونور/حب… أنتم… هذا هو قانون الوحدانية.

في هذا الكتاب، يجمعنا (رع) وجهاً لوجه مع تلك الحقيقة التي أخبر عنها المتصوفون من شتى أنحاء العالم وعلى مر العصور. وهي ذلك الإدراك الأخَّاذ بأن الخالق الواحد الأزلي موجود في كل واحد منا، وموجود في كل شيء وفي كل مكان. وفي الحقيقة فإن (قانون الوحدانية) يؤكد بأن لا شيء في هذا الوجود ليس بالخالق، فلا وجود لأي شيء خارج هذه الوحدانية الكامنة. يقول (رع) إن الخالق خلق هذا الخلق الأبدي من ذاته بهدف أن يعرف ويكتشف ذاته. هذه “الأبدية الذكية” كما يسميها (رع)، تخلق من ذاتها المجرات والنجوم والكواكب والكائنات – مثلنا – والنور والظلام، والحب والخوف، وكل طيف من أطياف المعاني والتجارب، وكل فكرة وحركة، وكل شيء حقيقي أو يمكن تخيله في كل مستوى من مستويات هذا الوجود. وأنها تمنح كل ما يبدو أنه جزء من هذا الخلق مبدأ الإرادة الحرة: وهي مقدرة الكائن على أن يتعلم وينمو وينوي ويتكيف وأن يتخذ خيارات تطورية لترسم له رحلة العودة إلى الخالق.

بينما نحن نسافر في رحلتنا الروحية، نمارس – باستمرار – هذه الإرادة الحرة، فنختار أن نكتشف أنفسنا تدريجيا إلى أن نصل إلى مرحلة الوحدانية مع الخالق الواحد. بينما كل كائن في هذا الخلق اللامنتهي يسافر في نفس هذا الدرب، يكتشف الخالق الواحد ذاته – بطرق لا يمكن تخيلها ولا يمكن حصرها – من خلال كل اختيار قام به كل كائن من هذا الخلق.

فالرحلة التي تخوضها كل روح – بحسب (رع) – تعبر من خلال نظام أبدي من “الثمانيات”. كل ثمانية تتألف من سبع كثافات – أو تراكيز – ارتقائية من النور. ففي الكثافة الأولى من هذه الثمانية الحالية، تقوم النار والريح بتعليم الماء والأرض أن ينتجا الأساس الذي تبنى عليه الحياة البايولوجية.

أما الكثافة الثانية فهي مرحلة من الوعي مأهولة بالبكتيريا والكائنات أحادية الخلية في المراحل السفلى، والنباتات والحيوانات في المراحل العليا. فالدروس التي في هذه الكثافة تنتقل من التغيرات العشوائية التي هي في الكثافة الأولى إلى وعي أكثر ترابطاً، وهذا يسهل عملية النمو والتحرك الموجه. وعندما تتقدم الكائنات في الكثافة الثانية، تبدأ بالسعي للوصول إلى الكثافة التالية من الوعي الذاتي. وعندما يصبح معقّد الروح يقظاً، يصبح التخرج إلى الكثافة الثالثة ممكناً.

وفقا لـ(اتحاد الكواكب لخدمة الخالق الواحد الأزلي) فإن الأرض وسكانها من البشر يقتربون من نهاية دورة الكثافة الثالثة. فنحن في هذه الكثافة الثالثة – أو كثافة الاختيار – نمتلك وعيا ذاتياً أكثر تطوراً، وهذا يتضمن العقل والجسد ولأول مرة روح مفعلة بشكل كامل. وظيفة هذه الكثافة هي أن تستقطب وعينا وأن تجعلنا نقوم باختيار نوع الحب ونوع الخدمة التي نؤديها. ففي أحد نهايات طيف الاستقطاب يوجد خدمة النفس: وهي حب النفس بشكل خاص، مما يؤدي إلى رفض الحب الكوني والبحث عن السيطرة والتلاعب واستغلال واستعباد الآخرين من أجل مصلحة النفس وحسب. وأما في النهاية الأخرى فيوجد خدمة الغير: وهي ليست حب النفس وحسب، وإنما حب الآخرين أيضاً. فخدمة الغير تؤدي إلى البحث عن – واحتواء – الحب الكوني والحب غير المشروط، وتجعل النفس ترى الخالق في كل خلقه، وتدعم الإرادة الحرة للجميع. ولكن حياتنا التي نعيشها ليست باللونين الأبيض والأسود فقط، فنحن نسعى دائماً إلى إحدى نهايتي طيف الاستقطاب.

متطابقاً مع الكثير من تقاليد الحكمة على الأرض، يقول (رع) أننا متجهون إلى “عصر جديد” أو ما يسميه (رع) بالحصاد إلى الكثافة الرابعة التي تتسم بالحب والاستيعاب. في هذه المرحلة يولد معقّد الذاكرة الاجتماعية، وفيها تصبح الأفكار أشياءً، ويصبح الحب مرئياً، وتنفصل الاستقطابات الإيجابية والسلبية عن بعضها وتقطن بيئات أكثر ملائمة لمنظورها وهدفها التطوري.

الكثافة الخامسة هي كثافة النور، وفيها تصبح الحكمة محط التركيز ومعياراً جوهرياً للتخرج إلى الكثافة التالية. الكثافة السادسة توازن وتوحد بين الحب الذي تم تعلمه في الكثافة الرابعة والنور (الحكمة) الذي تم تعلمه في الكثافة الخامسة، فتصدر قوة لخدمة الآخرين هي أكثر فاعلية من الحب فقط وأكثر فاعلية من الحكمة فقط. وأما الكثافة السابعة تصل إلى عالم من التجارب يصعب وصفها. وبحسب (رع) فإنها كثافة “الخلود”، وفيها نبدأ بالاتجاه إلى تناغم كامل مع الخالق الواحد. الكثافة الثامنة تمثل الاندماج التام لجميع الخلق مع الخالق الواحد، ويمكن أن ينظر إليها على أنها الكثافة الأولى من ثمانية جديدة، في ترتيب يشبه النوتات على السلم الموسيقي. ثمار هذه الثمانية سوف تلد في النهاية ثمانية جديدة من الكثافات، والتي بدورها سوف تلد ثمارها ثمانية جديدة، وهكذا إلى ما لا نهاية.

كيف تم التواصل مع رع

منذ أن كان (دون إلكينز) في المدرسة المتوسطة، كان يقوم بطرح الأسئلة الكبيرة حول هذه الحياة. بينما كان يمارس القراءة والكتابة والرياضيات، كان يفكر في نفسه: ما هو معنى هذه الحياة؟ ما هو حجم هذا الكون وكيف يعمل؟ ما هي الأشياء التي لا نعرفها؟ تلك الرغبة في أن يفهم ويقوم بحل هذا اللغز كانت تراوده بلا انقطاع خلال حياته المتجسدة. أصبح (إلكينز) على صعيد حياته المهنية بروفيسوراً في الفيزياء وهندسة الميكانيك، وأما على صعيد حياته الشخصية فقد كان محققا دؤوباً في مجال الأجسام الطائرة المجهولة، وتجسد الأرواح، ومجالات عديدة تندرج تحت عنوان ما يسمى “ما وراء الطبيعة”. كان يدرك أن العلم وقف عاجزاً عن الكشف عن أساسيات عمل هذا الكون والهدف منه، لذا فإنه لجأ إلى هذه المجالات ليبحث عن إجابات لم يستطع العلم أن يوفرها.

كانت (كارلا ل. روكيرت) تتمتع منذ طفولتها بذكاء حاد وإيمان شخصي عميق. فكانت تصف نفسها بأنها من مواليد الكنيسة الإنجيلية1، ولاحقاً بـ “المسيحية المتصوفة”، وكانت بارعة ومتفوقة في المدرسة، وكانت تجتاز بإتقان أي اختبار كان يقدم لها. وبالرغم من أنها عانت ظروفاً قاسيةً خلال نشأتها، إلا أنها شعرت بحب تجاه الحياة. لقد عاشت لترقص وتغني وتتفاعل مع الطبيعة وتحتضن حياة من الإخلاص والخدمة. كانت ملتزمة بالنظر إلى الجانب المحب لكل شيء، لدرجة أن الكثير كانوا يعتقدون أنها بريئة أو ساذجة، مما حمل البعض منهم إلى رعايتها وحمايتها من عالم أقل نقاء مما هي كانت عليه.

في أواخر العام 1961م، أعطي (دون) كتيباً صغيراً بني اللون كان عنوانه “ذي براون نوتبوك”، جمعه (والت روجرز)، وهو رجل من مدينة ديترويت في ولاية ميشيغان، سبق وأن شاهد كائناً فضائياً وجهاً لوجه. بعد تلك الحادثة، بدأ السيد (روجرز) بإظهار “تواصل تخاطري” بشكل مستمر مع ذلك الكائن، وهي ظاهرة – تكون مصاحبة لمثل هذه الحادثة – تم الإبلاغ عنها منذ بداية خمسينيات القرن العشرين. كان يحتوي ذلك الكتيب على معلومات عن الطبيعة الميتافيزيقية للواقع. يعتقد أن تلك المعلومات كان مصدرها كائن فضائي. كما أن الكتيب كان يشرح كيف أن الأشخاص الذين يمارسون التأمل سوية بشكل مستمر، يصبح لديهم القدرة على استقبال هذا النوع من المعلومات عن طريق التواصل التخاطري مع الكائنات الفضائية. أعجب (إلكينز) بهذا الترابط بين المعلومات التخاطرية التي يحتويها هذا الكتيب وبين ما كان هو يعمل عليه، فقرر أن يجري تجربة مع عدد من تلامذته في (لويفيل، كنتاكي).

سمعت صديقة أحد التلاميذ بتلك التجربة، وكانت مهتمة بالتأمل وما ينتج عنه من حب وصمت، ولذا فقد طلبت الانضمام إلى تلك التجربة. كان اسم تلك الفتاة (كارلا ل. روكيرت).

لم يقم (إلكينز) بإخبار تلامذته بما يمكن أن يحدث بالتحديد، ولكنه أخبرهم بأن شيئاً مثيراً قد يحدث إذا مارسوا التأمل سوياً. كان يرمي لإجراء تجربة علمية ليرى إذا ما كان تلامذته سيستقبلون تواصلات تخاطرية من الفضاء من دون أن يخبرهم عن فحوى هذه التجربة. بعد أن مضى بعض الوقت دون نتائج مثمرة، قام (والت روجرز) بزيارة تلك المجموعة وقام بإنشاء اتصال تخاطري مع مصدره الفضائي (هاتون)، وهو الكائن الذي قابله وجهاً لوجه. أخبرهم (هاتون) بأنهم كانوا يحاولون التواصل مع مجموعة (إلكينز)، ولكن التلامذة لم يكونوا مدركين بأن تلك الإشارات التي كانوا يستقبلونها – ولكن لا يتلفظون بها – كان مصدرها كائنات فضائية. أحس (دون) بأن ما حدث أبطل صلاحية الجانب العلمي من هذه التجربة، ولكنه أثمر عن نتائج مفيدة. بعد تلك الزيارة تعلم كل التلامذة – باستثناء (كارلا) – كيفية إنشاء تواصلات تخاطرية. أما (كارلا) فكانت تفضل التأمل بصمت.

بعد ذلك الاجتماع، مضى (دون) و(كارلا) كلٌ في طريقه لبعض السنوات، ليجتمعا مجدداً في العام 1968م وينضما معاً في مهمة مشتركة للبحث والتقصي. بعد مضي سنتين، أسسا شركة (ل/ل)، ليغيرا اسمها إلى (ل/ل ريسيرتش) في العام 1976م. طلب (دون) من (كارلا) أن تأخذ على عاتقها خدمة التواصل بنفسها في سنة 1974م؛ أي 12 سنة بعد أن حضرت (كارلا) تجارب (دون) التخاطرية. وليس بالصدفة أنه في تلك السنة بدأ (دون) بالاحتفاظ بأشرطة الكاسيت التي يتم تسجيل عمليات التواصل عليها. تلك الرسائل أثمرت عن قفزة نوعية، والفضل يعود إلى (كارلا) وقابليتها على التواصل، والتحسينات التي أضافتها على بروتوكولات (دون) الأساسية في التواصل. فقد طورت (كارلا) الإجراءات الجوهرية لضبط الأداة وتحدّي الكائن المتصل.

في العام 1978م، كان (جيم مكارتي) يعيش في منأى عن الجميع في كوخ طويل كان قد بناه بنفسه على 132 فدان كان يملكها في غابات وسط ولاية كنتاكي. في إحدى الأمسيات، كان يستمع إلى جهاز الراديو – الذي يعمل بالبطارية – إلى قناة (WKQQ) التي تبث من (ليكسينغون، كنتاكي)، فسمع مقابلة لـ(دون إلكينز) و(كارلا روكيرت) حول موضوع يتعلق بالأجسام الطائرة المجهولة. فدهش مما سمعه وتمنى أن يقابلهما يوماً ما. تحققت أمنية (جيم) بعد سنة، عندما قابلهما عن طريق صديق مشترك. بعد أن أمضى (جيم) سنة كاملة يذهب فيها كل ليلة أحد إلى تلك التأملات التخاطرية، قام (دون) و(كارلا) بدعوته للانضمام إليهما ليساعدهما في بحثهما. انضم (جيم) إليهما في 23 ديسمبر 1980م.

بعد مرور ثلاثة وعشرين يوماً، وبينما كانت (كارلا) تعلم أحد التلامذة طريقة التواصل التخاطري، صدر صوت عن طريق (كارلا) قائلاً: “أنا رع”. في الجلسات السابقة لتلك الحادثة، كانت (كارلا) تنشئ التواصلات بوعي تام، لكنها عندما كانت تقدم الخدمة كأداة للتواصل مع (رع) فإنها تفقد وعيها تماماً. لم يفهم (دون) و(كارلا) و(جيم) ما حدث، حيث إنها غادرت جسدها بالكامل للتواصل مع (رع). كان لـ(رع) المقدرة على التحكم بالحبال الصوتية الخاصة بـ(كارلا) آليا وعن بعد. على مر جميع الجلسات الـ 106، كانت (كارلا) تفقد وعيها تماماً دون أن تشعر بما يصدر من خلالها. لم يكن (دون) يدعها تقرأ نص ما جاء في التواصل لكي يحافظ على المصداقية العلمية لهذا التواصل. إلا أنه بدأ يطلعها على كلمات (رع) بعد الجلسة الثالثة والعشرين.

لقد كان التواصل مع (رع) قفزة كبيرة إلى عمق واتساع تلك النظرة التي عمل عليها (دون) و(كارلا) و(جيم) بشغف وكرسوا أنفسهم من أجل هذا التواصل لمدة ثلاث سنوات وشهرين.

المحادثة مع رع

كان أسلوب (رع) في المحادثة هو على هيئة سؤال وجواب فقط. كانوا يشعرون بأن تلك هي أفضل طريقة للتواصل لضمان عدم تجاوز الإرادة الحرة من كل فرد من تلك المجموعة. يصف (رع) تواصلهم بأنه “ذو نطاق ضيق”، وهذا يعني ثلاثة أشياء: أولاً، أنه يتطلب الكثير من التركيز وضبط النفس للمحافظة على هذا التواصل. ثانياً، أن نوع المعلومات المستقبلة هي أكثر دقة وعمقاً من تلك المعلومات التي تستقبل عن طريق التواصلات التخاطرية الواعية. وثالثاً، أنهم يودون أن يركزوا اهتمامهم بشكل أساسي على مبادئ فلسفية وروحية أزلية، مما يعني تجنب أي معلومات مشوهة لا تحمل قيماً راسخة.

لقد قام (رع) باختيار (دون) و(كارلا) و(جيم) ليتواصلوا معهم لأنهم عملوا على تحسين وتطوير طريقة التواصل لسنوات عديدة. ولكن الأهم من ذلك، لأن تلك المجموعة كانت تتمتع بتناغم ثابت وعفوي. وما يساوي ذلك أهمية، هي رغبة (كارلا) النقية وجهدها الدؤوب لتكريس نفسها لخدمة الخالق الواحد الأزلي من خلال التواصلات التخاطرية. تلك العوامل عززت إمكانية التواصل مع (رع) بشكل ثابت، مما نتج عنه 106 جلسات تواصل لاكتشاف (قانون الوحدانية).

كان التحضير للتواصل مع (رع) يتم في الليلة التي تسبق كل جلسة. كان (دون) و(كارلا) و(جيم) يقومون بالتأمل سوية ثم يتدارسون الجلسة السابقة محاولين ابتكار أسئلة لطرحها على (رع). اكتُشِفَ لاحقاً أن انتقال الطاقة الجنسية تطيل من مدة التواصل عن طريق زيادة طاقات (كارلا) الحيوية، وبما أن (جيم) و(كارلا) كانا على علاقة حميمة، فقد كانا يكرسان انتقالات الطاقة تلك لخدمة الخالق الواحد والتواصل مع (رع). في الصباح كان (دون) و(كارلا) و(جيم) يتناولون إفطاراً خفيفاً، ثم يقوم (جيم) بتدليك ظهر (كارلا) ليخفف الألم الذي كان ينتج عن تمدد (كارلا) دون حراك لمدة ساعة تقريباً خلال عملية التواصل.

في الفترة التي كانت ما بين الإفطار وبداية جلسة التواصل كان (دون) و(جيم) و(كارلا) يقومون بالتأمل في غرفة المعيشة، وعادة ما يستقبل (دون) خلال التأمل بعض الأسئلة ليطرحها على (رع). ثم ينتقلون إلى غرفة (رع) حيث يتم تحضير (كارلا) على سرير في منتصف الغرفة. كان (جيم) يقوم بتشغيل ثلاثة أجهزة تسجيل ليضمن عملية تسجيل ناجحة. وأما (دون) فكان يقوم بقياس ما كان (رع) يسميه “الملحقات” – وهي الإنجيل ومبخرة وكأس من الماء وشمعة – ويتأكد من أن أماكنهم مطابقة لتوجيهات (رع). لقد قام (رع) باختيار تلك الأشياء لأهميتها الشخصية بالنسبة لـ(كارلا) حيث إنها قد خدمت في مذبح الكنيسة وكانت تزين المذبح بتلك الأشياء كل يوم أحد. كانت تلك الأشياء توفر لها الراحة عندما كانت تغادر جسدها.

لقد علّم (رع) هذه المجموعة طقساً للحماية كانوا يسمونه (دائرة الوحدانية) حيث كان (دون) و(جيم) يمشيان حول (كارلا) مرددين عبارات تعكس عن رغبتهم في تقديم الخدمة للآخرين. ثم يجلس (دون) في مقعده ويراجع الأسئلة التي سوف يطرحها على (رع)، ويجلس (جيم) في مكانه ويبدأ في التأمل الذي يستغرق طيلة مدة الجلسة. كان يتخيل نوراً يمر عبر مراكز الطاقة في جسد (كارلا) من رأسها إلى أخمص قدميها. بعد دقيقة أو دقيقتين من الانتهاء من (دائرة الوحدانية) يبدأ (رع) بالتواصل.

خلال السنوات الثلاث من التواصل مع (رع)، استطاع (دون) أن يطرح 2600 سؤال على (رع)، وتمكن من خلال إجاباتهم أن يجمع قدراً كبيراً من المعلومات الضرورية لحل أكثر الأسئلة إلحاحاً.

الباحث يبحث عن الواحد

قال (رع) إن كل فرد منا هو باحث عن الحقيقة. عندما يترسخ إيماننا وإرادتنا للبحث عن الحقيقة، سوف نجد الحب في أنفسنا وفي العالم من حولنا، كما أننا سوف نجد طبيعتنا الحقيقية، أو بمعنى آخر، الخالق الواحد الأزلي. قال (رع):

الباحث يبحث عن الواحد. هذا الواحد ترجوه –كما أسلفنا – النفس المتزنة والتي تتقبل ذاتها، والتي تعي تشوهاتها الظاهرة وكمالها التام. في هذا الوعي المتزن، يفتح الكائن نفسه لهذا الكون، والذي هو ذاته. عندها تنجذب طاقات نور كل ما في هذا الوجود إلى هذا البحث المكثف، وعندما يتقابل ذلك البحث الداخلي والـ(برانا) الكونية، عندها يحدث إدراك الوحدانية

في جميع جلسات التواصل التي قمنا بها، كان (الاتحاد) يستهلون كل الجلسات بنصح كل الباحثين بالتمعن جيداً في تلك الرسائل، والحث على أن يستخدم الباحث منظوره الخاص لتحديد ما هو حقيقي وما هو مفيد للذات، وأن يترك ما بقي منها وراء ظهره. ونحن بدورنا نكرر نفس الإحساس لقارئ هذا الكتاب، فنحن أيضاً نوصي كل من يقرأ كلمات (رع) بأن يتمعن بها بعقل متفتح وفطن. لقد استخدمنا كلمة “حقيقي” آنفاً، ولكننا نذكرك بأنك انت “الحقيقة” التي تبحث عنها، فلا رسالة ولا فلسفة ولا أي تركيبة من الكلمات يمكن أن تساوي أو أن تكون بديلاً عن طبيعتك وماهيتك.

نبارك لك رحلتك في البحث عن الخالق الواحد الأزلي في نفسك وفي أصدقاءك وعائلتك وفي العالم من حولك.

إهداء

لطالما أنه كان شرفاً لي أنني قد عملت مع (دون) و(كارلا) حتى ولو بدون (رسائل رع). فالتناغم الذي كان بيننا نحن الثلاثة كان جلياً وبسيطاً لدرجة أنني شعرت بأننا كنا اصدقاء قدماء اجتمعنا مجدداً لنخوض مغامرة أخرى في رحلة الوعي. بغض النظر عما كنا نقوم به من عمل، كنا نشعر بأن هذا ما يتوجب علينا فعله لنقوم بالخدمة بأفضل طريقة تعرفها قلوبنا. لقد كان (دون) بمثابة الأخ الأكبر الذي كان على دراية بأسرار لعبة الحياة والتي كنا أنا و(كارلا) لا زلنا نتعلمها.

بعد أن أكملنا كتاب (رسائل رع)، وبعد وفاة (دون)، أمضينا أنا و(كارلا) 28 عاماً كزوج وزوجة، فأصبحت (كارلا) أجمل وأعز شيء في حياتي. والآن بعد أن توفيت هي الأخرى، أكمل أنا ورفاقي (غاري بين) و(أوستين بريدجز) ما بدأته هي و(دون) في العام 1968م كمنظمة (لوف أند لايت ريسيرتش).

ولذا فإنني أهدي هذا الكتاب إلى (دونالد ت. الكينز) والذي كان ذكاؤه وحدسه وخبرته في مجال ما وراء الطبيعة مكنوه من أن يسهب في حديث مذهل مع (رع). كما أنني اهدي هذا الكتاب أيضاً إلى (كارلا ل. روكيرت) والتي كرست حياتها بدون تردد في خدمة كوكب الأرض، حيث إنها كانت الأداة للتواصل مع (رع). فحكمة (دون) وحب (كارلا) مهدا الطريق لكل من يمكن أن يصبح باحثاً عن الحقيقة.

– جيم مكارتي

ملحوظة للقارئ

عندما كنا أنا و(دون) و(كارلا) نعقد جلسات التواصل مع (رع) في بداية الثمانينات، كنا نعلم بأننا نعيش أفضل أيام حياتنا، وكنا نعلم أن هذا العمل هو السبب الرئيسي لوجودنا على هذه الأرض. كنا بالكاد نصدق أن حظنا الجيد جمعنا مع كائنات فضائية تحدثت بكل بلاغة ودقة وعمق عن طبيعة هذا الخلق وكيف أننا نتطور من خلاله، وعن معنى الحياة، وكيف أن الحب والنور والوحدانية هي المكونات الأساسية لكل ما في هذا الوجود. بكل بساطة، خاطبنا (رع) بلغة قلوبنا وأرواحنا، فأحسسنا بتناغم مع كل ما قالوه لنا.

على مر السنوات، اكتشفنا أن هناك مجتمعاً صغيراً من الباحثين عن الحقيقة، أحسوا بتعاطف شديد مع معلومات (رع). إذا كنت واحداً من أولئك الأشخاص، أهلاً بك في عائلتنا. حتى لو أننا ربما لن نتقابل، يكفي أنك هنا. فطالما أننا نتشارك تلك الخدمة للخالق الواحد الأزلي، فنحن دائماً معاً، بغض النظر عن الشكل الخارجي لواقعنا الفيزيائي. لذا فإننا نرسل لك الحب والنور سائلين منك أن تشارك الحب والنور مع كل شخص تقابله في حاضرك ومستقبلك.

– جيم مكارتي


  1. Cradle Episcopalian